وُلد في أسرة قليلة المال كثيرة العلم، قصة الشيخ محمد راتب النابلسي الذي سكن العقول بغزارة علمه وامتلك القلوب بجمال حديثه (صور/ فيديو)

وُلد في أسرة قليلة المال كثيرة العلم، قصة الشيخ محمد راتب النابلسي الذي سكن العقول بغزارة علمه وامتلك القلوب بجمال حديثه (صور/ فيديو)
مدى بوست – فريق التحرير
الشيخ محمد راتب النابلسي: داعية إسلامي سوري، معاصر، له دروس ومحاضرات في الإعجاز العلمي والتفسير، والمنهج العلمي والمعرفة، اشتهر بسلسلته عن أسماء الله الحسنى، وعن الشمائل النبوية.
يشغل الشيخ محمد راتب النابلسي منصب رئيس هيئة الإعجاز القرآني، له العديد من المؤلفات، أبرزها: “موسوعة الأسماء الحسنى”، وشارك في العديد من المؤتمرات العالمية، ويقوم كذلك بإلقاء دروس دينية في مساجد سوريا والدول العربية الأخرى.
يحظى الشيخ محمد راتب النابلسي بجماهيرية كبيرة في الوطن العربي والعالم، فرغم غزارة علمه وتبحره في الدين الإسلامي، يحرص على أن ينقل علمه للعامة بأسلوب بسيط سلس، يلمس القلوب قبل العقول، كما أن الكثير من مؤلفاته ومحاضراته تُرجمت للغة الإنجليزية لتصل المسلمين في كل مكان.

نشأة الشيخ محمد راتب النابلسي
ولد محمد راتب النابلسي في 29 يناير عام 1939م في دمشق في سوريا، ونشأ في أسرة عرفت بالعلم والثقافة والتبحر في الدّين، وإن كان حظها من المال قليل، فقد كان والده عالمًا من علماء دمشق وكان يدرّس في مساجد دمشق، رحل عن الدنيا قبل أن يدركه النابلسي الابن، لكن ترك له مكتبة كبيرة تضم بعض المخطوطات، التي من معارفها في وقتٍ مبكر.
تعلم النابلسي في مدارس دمشق الابتدائية والإعدادية والثانوية، ثم التحق بمعهد إعداد المعلمين حيث تخرج عام 1956، وبعدها درس في كلية الآداب (قسم اللغة العربية) بجامعة دمشق التي نال منها عام 1964 شهادة ليسانس في آداب اللغة العربية وعلومها.
التحق بكلية التربية بجامعة دمشق ليتابع دراساته العليا فحصل في عام 1966 على دبلوم التأهيل التربوي بتفوّق، ثم حضَّر لدرجة الماجستير في الآداب جامعة ليون (فرع لبنان)، كما حصل على شهادة الدكتوراه في التربية من جامعة دبلن عام 1999.
إضافة إلى تعليمه النظامي، طلب النابلسي العلم الديني والشرعي في وقت مبكر من حياته، فلزم الدروس لعدد من علماء دمشق، حيث درس التفسير والحديث والفقه والسيرة والفرائض، ونال إجازة إسلامية في رواية الحديث الشريف من أستاذه في كلية الآداب الدكتور الشيخ صبحي الصالح أستاذ علوم القرآن، وعلوم الحديث وفقه اللغة في جامعة دمشق.
الحياة العملية للشيخ محمد راتب النابلسي
عمل النابلسي في مجال التعليم الثانوي الرسمي ثم الجامعي، فكان أستاذًا محاضرًا في كلية التربية بجامعة دمشق بدءًا من عام 1969 وحتى عام 1999، وبعدها أصبح أستاذًا لمادة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كليتيْ الشريعة وأصول الدين بجامعة الأزهر (فرع الفتح الإسلامي بدمشق)، وأستاذا لمادة العقيدة الإسلامية بجامعة أم درمان (فرع مجمع أبي النور في دمشق).
عمل النابلسي أيضًا، أستاذًا لأصول التربية في جامعة طرابلس الإسلامية، كما عين خطيبًا لجامع الشيخ عبد الغني النابلسي، ومدرس ديني في عدد من مساجد دمشق.
أشرف النابلسي على مجلة “نهج الإسلام” التي كانت تصدرها وزارة الأوقاف السورية، وكان عضوًا في عدد من اللجان الرسمية التابعة للوزارة، كما كان عضوًا مؤسسًا لجمعية مكافحة التدخين والمواد الضارة في سوريا، وتولى رئاسة جمعية حقوق الطفل في سوريا.
النشاط الدعوي في سوريا
أثناء عمله كخطيبٍ لجامع جده الشيخ عبد الغني النابلسي، أسس في المسجد ذاته عدة دروس أسبوعية، درَّس فيها العقيدة، والتفسير، والحديث، والفقه، والسيرة وكان لها عظيم الأثر.
في مسجد النابلسي كان بناء الدعوة يكبر ويتسع حيث استقطب طلاب العلم من معظم مناطق دمشق وريفها حتى ضاق المسجد برواده؛ مما دفع طلاب العلم لدعوته لإحداث دروس العلم في عدة مساجد مركزية في دمشق وريفها.
لبى دعوات كثيرة لإلقاء محاضرات في معظم المراكز الثقافية في الجمهورية العربية السورية، ودرّس العقيدة لدورة الأئمة والخطباء الناطقين بغير العربية ثلاث سنوات في كلية أصول الدين فرع جامعة أم درمان في مجمع أبي النور في دمشق، إضافة إلى المحاضرات التي يلقيها كل عام على الأئمة والخطباء غير الناطقين بالعربية الذين يفدون إلى دمشق من شتّى البقاع الإسلامية.
كان للشيخ النابلسي الدور الأكبر في تضمين مناهج معهد الفتح الإسلامي مادة الإعجاز العلمي ليكون كتابه “موسوعة الإعجاز العلمي” هو الكتاب المقرر لهذه المادة، وقد درسها في معهد الفتح لمدة طويلة ومازالت تدرس من خلال طلابه إلى الآن.
جدير بالذكر أن الشيخ النابلسي عمل خطيبًا لفترةٍ ليست بالقصيرة في الجامع الأموي الكبير في دمشق.
نشاطه خارج سوريا
مثَّل الشيخ النابلسي سوريا في عدة مؤتمرات بدأ من عام 1993 ونذكر منها مؤتمر الاسيسكو (المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة) الذي عقد في الرباط عام 1999، وشارك في مؤتمر الأسرة الذي عقد في أبو ظبي عام 1998، وشارك في مؤتمر الفقه الإسلامي الذي عقد في ديترويت في الولايات المتحدة الأميركية عام 1999.
وشارك أيضًا في مؤتمري الشباب المسلم الذي عقد في لوس أنجلس عام 1998 و 1999، وشارك في ندوة التجارب الوقفية في بلاد الشام المنعقدة في دمشق عام 2000، وشارك في مؤتمر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية المنعقد في القاهرة لسنوات 1999، 2005، 2006.
لبّى الشيخ النابلسي عدة دعوات لإلقاء محضرات في العديد من الدول العربية مثل ليبيا والجزائر وعمان والبحرين ولبنان والأردن والكويت والإمارات العربية المتحدة ، ومثل سورية في مؤتمر السكان الذي عقد في إندونيسيا جزيرة بالي عام 2007، ومثل سورية في مؤتمر السكان الذي عقد في القاهرة عام 2008.
كما لبى دعوة رسمية لزيارة المملكة العربية السعودية، والمملكة الأردنية الهاشمية، وجمهورية اليمن، وجمهورية السودان، ولبى دعوة رسمية لزيارة جمهورية غينيا، ولبى عدة دعوات أهلية لإلقاء محاضرات في الولايات المتحدة الأمريكية وفي عدة ولايات.
وكذلك لبى دعوة لإلقاء محاضرات في أستراليا ولعدة سنوات، ولبى دعوة الجالية الإسلامية في فرنسا عدة مرات، ولبى دعوة الجالية الإسلامية في ألمانيا، ولبى دعوة الجالية الإسلامية في إسطنبول لعدة أعوام، ولبى دعوة الجالية الإسلامية في سويسرا، والجالية الإسلامية في السويد، وألقى محاضرات في عدة مدن في لبنان .
إنجازات الشيخ محمد راتب النابلسي
أسس الشيخ محمد راتب النابلسي معهد تحفيظ القرآن الكريم الذي كان له أثرٌ كبير في تنشئة جيل من الشباب المسلم المتميز بثقافته المتنوعة، وسلوكه المنضبط ؛ ليصبح هذا الجيل اليوم الفاعل الأكبر في التدريس في المعهد، وفي إدارته، وحاليًا يضم المعهد مئات الطلاب من الجنسين ومن مختلف الأعمار.
عام 2006، انطلقت ثانوية الشيخ عبد الغني النابلسي الشرعية الرسمية بفرعيها الذكور والإناث وهي تضم خمسمئة طالب وطالبة، وبذلك تحول جامع الشيخ عبد الغني النابلسي من جامع يرتاده مصلو الحي إلى منارة علمية تعد اليوم من أهم المنارات الإسلامية في سوريا وما حولها، وهو ما أطلق عليه رسميًا اسم مجمع الشيخ عبد الغني النابلسي للعلوم الإسلامية.
حرص مؤسس المجمع الشيخ راتب النابلسي على جمع نخبة من المدرسين الأكفاء والمخلصين أصحاب رسالة دعوية لبناء جيل متميز بالعلم والاستقامة، لتتبوأ الثانوية الشرعية مكانة مرموقة بجدارة وبوقت قصير جعلتها من أوائل الثانويات الشرعية على مستوى سورية بنتائجها العلمية وأثرها الأخلاقي، والعمل مستمر لتأسيس جامعة إسلامية متطورة.