عانى من علاقة معقدة مع أمه، بدأ حياته لاعباً لكرة القدم في فريق الزمالك، ثم اكتشفه عادل إمام.. قصة الفنان المصري نور الشريف وأبرز محطات حياته

عانى من علاقة معقدة مع أمه، بدأ حياته لاعباً لكرة القدم في فريق الزمالك، ثم اكتشفه عادل إمام.. قصة الفنان المصري نور الشريف وأبرز محطات حياته
مدى بوست – فريق التحرير
هو واحد من أبرز الممثلين المصريين عبر الأجيال، موهبته تكمن في الصدق والبساطة، ثم الدراسة الدقيقة لكل شخصية يلعبها.
منذ تخرجه من معهد الفنون المسرحية، وهو يحرص على حمل مفكرة يدوّن فيها الصفات الجسمانية والنفسية لأي شخصية يقابلها وتلفت انتباهه، ولعل في هذا لمحة واضحة عن عشقه لفن التمثيل، ورغبته في التزوّد والتعلم طوال الوقت. مثقف جداً حتى أن أصدقائه من الفنانين أطلقوا عليه اسم “أستاذ الكتب” وكانوا يأخذون بنصيحته في الفن بصفته الأكثر اطلاعاً.
نشأته وبداياته
ولِد في حي الخليفة في حي السيدة زينب في القاهرة في يوم 28 أبريل عام 1946، اسمه عند الولادة هو محمد جابر محمد عبد الله، وكان أهله ينادونه بنور، فغيّر اسمه رسمياً بعد ذلك إلى نور الشريف جابر محمد. توفي والده وعمره عام واحد، وتزوجت أمه من آخر، فأشرف على تربيته عميّه إسماعيل وأمين.

حصل على دبلوم المعهد العالي للفنون المسرحية بتقدير “امتياز” وكان الأول على دفعته عام 1967. وبدأ التمثيل في المدرسة حيث انضم إلى فريق التمثيل بها كما كان لاعبا في أشبال كرة القدم بنادى الزمالك ولكنه لم يكمل مشواره مع كرة القدم، بعد أن تقدم لاختبارات نادي الزمالك، ونجح في كل الاختبارات وأصبح لاعبا ضمن ناشئي النادي، لانه تعرض لإصـ.ـابة بالغة في قدمه، مكث على إثرها في المنزل 3 أشهر، لتتغير بعدها ميوله، ويمتنع عن الانتظام في التدريبات، ويتجه بعدها إلى التمثيل.
التقى بالفنان المسرحي الكبير سعد أردش، الذي أُعجب به، ورشحه للمشاركة في عدد من المسرحيات المهمة، منها: “الشوارع الخلفية”، و”روميو وجولييت”.
وأثناء بروفات المسرحية تعرف على النجم عادل إمام، الذي أعجب كذلك بموهبته، وساعده في التعرف على المخرج حسن الإمام ليظهر في فيلم قصر الشوق في دور “كمال” عام 1966، وهو الدور الذي لا يُنسى إلى اليوم، وحاز عنه على شهادة تقدير لتصبح أول جائزة يحصل عليها في حياته الفنية.
أعماله الفنية المهمة
بعد فيلم “قصر الشوق”، توالت الأعمال الفنية التي صنعت اسمه وشكلت نجاحه. مثل: “الحاجز” و”بئر الحرمان” و”الأبرياء” و”زوجتي والكلب” و”سواق الأتوبيس” و”حدوتة مصرية” و”ليلة ساخنة” و”الشيطان يعظ” و”حبيبي دائماً”، و”الكرنك” و”أهل القمة” و”زمن حاتم زهران”.
كان نور الشريف يكّن حباً كبيراً للأعمال التلفزيونية، فقدم علامات لا تُنسى مثل: “مـ.ارد الجبل”، و”القاهرة والناس”، و”لن أعيش في جلباب أبي” و”الرجل الآخر” و”هارون الرشيد” و”رجل الأقدار” و”الثعلب” و”الرحايا” و”عائلة الحاج متولي”. وللمسرح، قدم عروضاً مهمة، أبرزها: “يا مسافر وحدك”، و”الأميرة والصعلوك”، و”كنت فين يا علي”. في آخر أيامه؛ حاول نور تقديم عرضاً مسرحياً يحكي قصة سيدنا الحسين، لكن اعتراض الأزهر الشريف لغى الفكرة.
حياته الشخصية
تزوج من الممثلة بوسي بعد قصة حب، واستمر زواجهما لمدة طويلة، وكان يضرب بهما المثل في الحب والاستقرار، بالذات بعد تقديمهما معاً الفيلم الرومانسي “حبيبي دائماً”.

لكن لا تأتي الرياح دوماً بما تشتهي السفن، وانفصل الثنائي الأيقوني عام 2006 دون إبداء الأسباب، لكنهما حافظا على العلاقة الطيبة بينهما، حتى عادا مرة أخرى نهاية عام 2014 قبل خمسة أشهر على وفاته، ليقضي آخر أيامه مع زوجته وابنتيهما سارة وميّ.
علاقة صعبة مع الأم
عانى نور الشريف من علاقة صعبة مع أمه، التي تزوجت فور وفاة والده وتخلت عنه تاركة إياه في منزل عمه ليتولى رعايته. ورغم حرصها على زيارته بشكل مستمر إلا أن نور الطفل لم يشعر نحوها بعاطفة، وكان يعدها خائنـ.ـة لذكرى والده، وقـ.ـاسية لتخليها عنه. استسلم نور الشريف لهذه الأفكار التي نمت داخله حتى التحق بالجامعة، مما دفعه لجفاء أمه وتباعده عنها والتصريح بأنه لا يرغب في رؤيتها.
بعد سنوات، عندما قرأ في علم النفس، أدرك أنه كان مخطئاً، والتمس الأعذار لوالدته، واعترف أنه كان ساذجاً، وأنه حكم على أمه بالخيانـ.ـة رغم أنها لم تفعل شيئاً معيباً، فبحث عنها واعتذر منها محاولاً إصلاح العلاقة بينهما.
المغامر والجريء ومكتشف المواهب
يحسب لنور الشريف أنه كان مغامراً وجـ.ـريئاً، وبسبب حبه للسينما، اكتشف العديد من المخرجين الذين باتوا من أهم مخرجي السينما المصرية مثل “محمد خان” الذي أنتج وقام ببطولة أول أفلامه “ضربة شمس”، كما مارس الإخراج في عدة أفلام منها فيلم “العاشقان” مع “بوسي”، وكان معروفاً بأنه نجم الأدوار الصعبة والمركبة، فجسد الثري الذي يسعى للإنجاب في فيلم “جري الوحوش”، وتاجر المخـ.ـدرات العملي والحساس في “العار”، وشحاتة أبو كف لاعب نادي الزمالك في “غريب في بيتي”. كما كان الخيار الأول للمخرج يوسف شاهين لتجسيد شخصيته في الجزء الثاني من سيرته “حدوتة مصرية”.
نور الشريف والجوائز
حصل نور الشريف على العديد من الجوائز وشهادات التقدير منها “جائزة أحسن ممثل” عن دوره في فيلم ليلة ساخـ.ـنة. كما فاز بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي أقامته جمعية كتاب ونقاد السينما المصرية في دورته الثانية في سبتمبر 1977. وفاز بجائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم بتوقيت القاهرة بمهرجان وهران للفيلم العربي. وحصل علي جائزة التمثيل الذهبية من مهرجان نيودلهي عن فيلم سواق الأتوبيس.
وفي الاحتفال بمئوية السينما العالمية، تم اختيار 7 أفلام لنور الشريف في قائمة أفضل 100 فيلم في ذاكرة السينما المصرية طبقاً لاستفتاء النقاد عام 1996 وهي: زوجتى والكلب 1971، أبناء الصمت 1974، الكرنك 1975، أهل القمة 1981، حدوتة مصرية 1982، العار 1982، سواق الأتوبيس 1982 الذي حلّ في المرتبة الثامنة.
مرض ابنته سارة
من بين المواقف الصعبة التي عاشها نور الشريف، مرض ابنته المخرجة سارة نور الشريف، عندما أصيبت بفيروس نادر جداً، أخبره الأطباء أن لا شفاء منه، وأنه سيلازمها طوال حياتها.
وحكى عن الأوقات الصعبة التي قضاها خلال إجرائها لعملية جراحية في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي استمرت لمدة ثمان ساعات كاد يفقد فيها حياته من القلق.
نور الشريف مرتبط جداً بابنتيه، عاش حياته من أجلهما، ومن أجل إسعادهما الأمر الذي جعله لا يحتمل فكرة مرض سارة، خاصة وأنه مرض مزمن لا شفاء منه، لكن الأطباء أجمعوا على أنه غير مقلق، مما طمأنه خاصة بعد أن بدأت صحتها في التحسن.
فيلم ناجي العلي
تعرض نور الشريف لأزمـ.ـة بعد عرض فيلم “ناجي العلي” نتيجة انتقاد الصحافة المصرية له، الأمر الذي أثر فيه كثيراً لدرجة انعزاله لفترة طويلة، وتخلي أصدقاؤه من الفنانين عنه، الذين استغلوا هذه المحنة وشاركوا في الحملة الموجهة ضده، على عكس البعض الذين لم تربطه بهم صداقة طويلة لكنهم وقفوا إلى جواره مثل سمير صبري ومحمود ياسين ويحيى الفخراني.
مشهد تمنى عرضه في يوم وفاته
بعد تدهور حالته الصحيّة، ظهر نور الشريف في أحد البرامج المصرية، ليتحدث عن أعماله التي يعتز بها، ومن بينها مسلسل عمر بن عبد العزيز الذي اعتبره أهم عمل قدمه على الإطلاق على مدار تاريخه الفني.
وظهر التأثر على وجه نور الشريف وهو يحكي عن المشهد الأخير من المسلسل، قائلاً بأنه يندهش كلما شاهده، ويسأل نفسه من هذا؟ لا يعرف كيف أدى هذا المشهد، رغم دراسته ورغم موهبته وخبرته، فهو يرى أن هذا المشهد تم تمثيله في لحظة تنوير ربانية، بالذات عندما يرى الخليفة عمر بن عبد العزيز جده عمر بن الخطاب وكل الصحابة اللي سبقوه إلى الجنة ويسعد بأنه في الطريق إليهم.
ويحكي أنه بكى في هذا المشهد بعينين مفتوحتين، رغم أن الممثلين يضغطون دائماً على أعينهم في مشاهد البكاء لإنزال الدموع، لكنه أبقى عينيه مفتوحتين والدموع تنساب دون إرادة منه.
وقال نور الشريف أنه يتمنى لو يذاع هذا المشهد يوم وفاته، رغم أن الأعمار بيد الله.
وفاته
توفي نور الشريف في يوم الثلاثاء 11 اغسطس 2015 في القاهرة بعد صراع مع مرض سطان الرئة عن عمر يناهز 69 سنة. وتم تشييع جثمانه يوم الأربعاء 12 أغسطس 2015 من مسجد الشرطة بالسادس من أكتوبر.