الفاروق عمر بن الخطاب .. رجال من نور3

الفاروق عمر بن الخطاب .. رجال من نور3
مدى بوست – فريق التحرير
حلقة اليوم من سلسلة “رجال من نور”، عن الخليفة العادل، الفاروق، معزِّ الإسلام والمسلمين، وثاني الخلفاء الراشدين، الذي ما إن سلك طريقاً تسلك الشياطين طرقاً أخرى خشية منه.
صاحب النظرة الاستراتيجية البعيدة الأفق، يحكم لعهده ويفكر من سيأتي بعده، العادل المتواضع، الذي قال لامرأة في إحدى خطبه عن مهور النساء: أصابت امرأة وأخطأ عمر.
عمر بن الخطاب، وصفه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في إحدى أحاديثه الشريفة بملهم هذه الأمة حين قال: “لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدثون، فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر”، والمراد بالمحدث هو الملهم، كما فسره بعض العلماء.

الفاروق وأصله وقصة إسلامه
عمر بن الخطاب بن نفيل بن كعب بن لؤي، وفي كعب يجتمع نسبه مع نسب محمد بن عبد الله رسول الإسلام. أمه حنتمة بنت هشام المخزوميه أخت أبي جهل.
لقبه الفاروق. وكنيته أبو حفص، وقد لقب بالفاروق لأنه كان يفرق بين الحق والباطل ولا يخاف في الله لومة لائم.
بعد أن علم الفاروق عُمر بإسلام أخته فاطمة، توجه إلى بيتها مباشرة، وهناك كان إسلامه، حين سمعها تقرأ القرآن، وحين طلب منها رؤية ما تقرأ، قالت له: لايمسه إلا المطهرون.
لحظة إسلامه
ففتحها فقرأ آيات من كتاب الله، ومنها سبح لله ما في السماوات والأرض، ومن بعدها: آمنوا بالله ورسوله .. إلى آخر الآية، فقال عمر بن الخطاب: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
فقال أصحاب رسول الله لعمر: أبشر يا ابن الخطاب فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا يوم الاثنين، فقال: اللهم أعز دينك بأحب الرجلين إليك: إما أبو جهل بن هشام، وإما عمر بن الخطاب وإنا نرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لك فأبشر.
كان إسلام عمر بن الخطاب في ذي الحجة من السنة السادسة للدعوة، وهو ابن ست وعشرين عاماً، وقد أسلم بعد نحو أربعين رجلاً.
إعلان إسلامه
وكان عمر حريصًا على أن يذيع نبأ إسلامه في قريش كلها، فلما أراد الهجرة تقلّد سيفه، ومضى إلى الكعبة فطاف بالبيت سبعًا، ثم أتى المقام فصلى.
ثم نادى في جموع المشركين: “من أراد أن يثكل أمه أو ييتم ولده أو يرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي”.
حياة الفاروق عمر بن الخطاب كانت مليئة بالمناقب والفضائل التي شهد له بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
شكلت حياة الفاروق صفحة مشرقة من التَّاريخ الإِسلاميِّ الَّذي لم تحوِ تواريخ الأمم مجتمعةً بعض ما حوى من الشَّرف، والمجد، والإِخلاص.
الفاروق عمر الخليفة
عاش الفاروق عمر بن الخطاب حياة عظيمة بعد إسلامه، فقد أعز الله به الإسلام قبل وبعد وفاة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأبي بكر رضي الله عنه.
كان الفاروق الخليفة الراشدي الثاني بعد الصديق، فساهم بشكل كبير في ازدهار الدولة الإسلامية، ونشر العدل والأمن والأمان، إذ كان يطوف بالليل ويتفقد أحوال الناس فيعطي المحتاج ويساعد كل ذي حاجة.
جاءته يومًا قافلة من مصر تحمل اللحم والسّمنَ والطعام والكِساء، فوزّعها على الناس بنفسه، وأبى أن يأكل شيئاً، وقال لقائد القافلة: ستأكل معي في البيت، ومنَّى الرجل نفسَه وهو يظنّ أن طعام أمير المؤمنين خير من طعام الناس.
خبز وزيت
وجاء الفاروق عمر والرجل إلى البيت جائعَين بعد التّعب، ونادى عمر بالطعام فإذا هو خبز مكسّر يابس مع صحنٍ من الزيت.
اندهش الرجل وتعجّب، وقال: لِمَ منعتني من أن آكل مع الناسِ لحمًا وسمنا؟! فقال عمر: ما أطعمك إلا ما أطعم نفسي.
فقال الرجل: وما يمنعك أن تأكل كما يأكل الناس، وقد وزّعتَ اللحم والطعامَ عليهم؟! قال عمر: لقد آليتُ على نفسي أن لا أذوقَ السمن واللحم حتى يشبعَ منهما المسلمون جميعاً.
من إنجازات الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أثناء فترة خلافته: تدوين الدواوين، وترتيب العطايا حسب الأسبقيّات، ووضع التقويم الهجريّ.
رجل ملهم
كانت خلافة الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فتحاً على المسلمين، وشهِد مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- المشاهد كلّها.
كان بن الخطاب رجلاً مُلهَماً، فنزلت آيات من القرآن الكريم توافق رأيه في غير مرّةٍ، منها: حادثة أسرى بدر، واتّخاذ مُصلّىً من مقام إبراهيم عليه السّلام.
وفي عهد خلافته اتّسعت البلاد الإسلاميّة، وأكرم الله -تعالى- المسلمين بسقوط دولتَي فارس والرّوم.