الحب بريء مما يصفون.. فلنحب كما يحلو لنا!.. رأي : راسيا سعادة

لطالما تعددت مسميّات الحب وأوصافه وأشكاله، فالبعض أو بالأحرى الكثير منّا يرى الحبَّ بعين المظهر؛ حيث يصنفون الحب بين الطرفين وكأنه قطعة ملابس فيفصّلونه على حسب المقاس والطول والعرض والشكل، فهذا يريد حبيبته طويلة والآخر يريدها معتدلة الطول وآخر يبحث عن النحيلة أو الممتلئة، شقراء، سمراء… وكأنه في سوق بازار خال من المنتجات الأصلية والأصيلة، أمّا بعضهنّ تراهنّ يسألن عن بيت الحبيب وسيارته ولون عينيه وماركة ثيابه، وكأن قلبها يتحرك حسب محرّك السيارة ومشاعرها سترتفع وتتدنى حسب نوع ملابسه.
ومن جهة أخرى أبعد من الأشخاص كأفراد، ترى المجتمع بأكمله يضع شروطًا وقواعد للحب والارتباط كفارق العمر وأساسيته في الارتباط، مثل وجوب أن يكون الرجل أكبر من المرأة، ليس هذا فحسب بل إنهم يحددون فارق العمر “من وإلى“، فيقولون مثلًا يجب أن يكون الفارق الطبيعي من خمس إلى عشر سنوات، فإذا كان الرجل يكبر المرأة بعشرين أو ثلاثين عامًا يبطل حبّه وارتباطه بها، ولا قبول لاحتمالية أن يكون أصغر منها حتى وكأنهم موجودون في قلوبهم يشعرون بما يشعرون، ويسعدون بما يسعدون ويميلون بما يميلون، لا أعلم كيف يسمحون لأنفسهم بالتدخل في عاطفتهم والمساهمة في كسر خاطرها وميولها، وكأن المشاعر تبدأ وتنتهي بكبسة زرّ هم لا يدركون أن الحب أغلب من العلم والمشاعر تكسر أي منطق.
كيف لهم بالإمكان تصنيف معايير الحب بشكل معين، ألم يدركوا أنّ معايير الحب غير ثابتة، إذ أنها تختلف من شخصٍ لآخر، حسب طباع الشخص ومكتسباته، هم لم يصلوا حقًّا إلى الاكتفاء والرضا والقبول والتصالح مع الحب نفسه قبل شكله، وبعيدون كل البعد عن العاطفة نفسها قبل حكمها، فمن يحب نفسه سيحبّ الآخر كما هو ومن يحبّ الآخر سيقبله كما هو، ومن يحبّ الحبّ سيدعم تحرره من قيود زائلة يضعها المجتمع الفقير المحتاج إلى الكثير من الإيجابية والحنان والأمان، الناقص دينيًا وثقافيًا وعاطفيًا؛ لأنه ببساطة حتى الدين أيًّا كان نوعه لم يضع شروط الشكل واللون والمال والعمر، وحتى الثقافة لم تبعث أسسًا للمشاعر، وحتى العاطفة لم تستطع – رغم وجودها في النفس البشرية – أن تكمل النقص العاطفي الموجود عند الكثيرين.
إذًا اتقوا الله.. والدين والرحمة في قلوبنا، وتثقفوا عاطفيًا مع أنّ العاطفة لا تحتاج إلى ثقافة، ولكن يبدو أن البعض منّا حتى في العاطفة والحب يلزمه الكثير والكثير من الثقافة ليعبرَ إلى دروب النجاة من الكره إلى الحب، ومن السلبية إلى الإيجابية، ومن الرفض إلى القبول، ومن العداء إلى التصالح.